سيرة العبد الصالح موسى بن عمران - الحلقة الخامسة
وصار لموسى أسرة
في فلسفة الدعاء أسرار قلّ الذين يعرفونها ومنها هذا الدعاء الذي ردده موسى تحت الشجرة : 📖 {رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (القصص: ٢٤) ففيه فرج وفرحة لمن يتلوه فمَن داوم عليه رزقه الله تعالى إن شاء ما يلي :
🔹️الزوجة الصالحة.
🔹️أهل زوجة صالحين.
🔹️السكن اللائق به.
🔹️العمل.
🔹️الذرية الصالحة.
وهذا تماماً هو ما حصل لموسى فهو بعد أن ردد الدعاء جاءت إحدى الشابتين ودعته لبيت أبيها بعد أن قصّت لأبيها خبر مساعدته لها ولأختها في سقي غنمهما ولبّى موسى الدعوة، ومشى خلف الفتاة ولما كان الهواء يضرب ملابسها وخشية من النظر إلى تقاسيم جسدها طلب منها موسى أن تمشي هي خلفه وعليها أن تقول له اتجاه السير إلى دارها فقط.
كم ذُهل موسى حين علم أن صاحب الدار هو نبي كريم على الله تعالى وهو شعيب العربيّ الذي بعثه الله إلى أصحاب الأيكة (الشجرة العظيمة) وإلى أهل مدين الذي أجمعوا على تكذيبه وهم الذين عُرِفوا بالتطفيف في الميزان وعدم احترام حقوق الآخرين؛ 📖 {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (الشعراء: ١٨٩).
لم يكن لشعيب إلا هاتان البنتان وليس له خادم ولا نسيب لذا تقوم البنتان برعي الغنم بعد أن ضعف بدن الأب شعيب.
وما هي إلا فترة قصيرة من الحوار وإذا بإحدى البنتين تقترح على أبيها ما يلي : 📖 {يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (القصص: ٢٦) فقد علمت قوته حين رفع الدلو من البئر لوحده وأما أمانته فعرفتها من سيره أمامي لا خلفي حين دعوته.
استحسن شعيب الفكرة وطرحها على ضيفه الغريب لذا بادر شعيب تجاه موسى وقالَ : 📖
– {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ}.
– ولكني لا أملك أي مهر أقدمه لها.
– مهرها يا ولدي هو العمل عندي {عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَ ما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْك}.
وتزوج موسى من صفورا وتعني (عصفورة) بنت شعيب وبقي كريماً في داره وكوّن أسرة من ولدين ذكرين هما جرشوم ويعني (غريب) أو (تقيّ) وهو البِكر وشقيقه (أليعازر) ويعني (اللهُ عَونٌ) وكانت السنوات العشر التي عاشها موسى مع آل شعيب فترة استراحةٍ لمحارب على موعد مع حرب شرسة ضد آل فرعون.
أخذ موسى زوجته وولديه وبعضاً من غنمه الذي أهداه له شعيب وانطلق شتاءً في رحلة تجاه العراق حيث يبحث عن وادٍ مقدّس فيها اسمه (طوى) حيث كان آدم وإدريس ونوح يسكنون ويعبدون فيه.
وفي الليل اشتدّ البرد وقست الريح وهلعت الأغنام و تملك الظلام الموقف ثم لم يكن المطر ليعرف حداً ليقف عنده فهو يهطل بشكل متسارع هذا كله وموسى لا يعرف الطريق جيداً وإذا به يرى ناراً من بعيد لم يكن يراها أحد غيره وكلما أشار لها كانت زوجته تقول له : لا أرى شيئا، حينها انطلق موسى تجاه النار بحثاً عن جذوة منها أو شخص يدلهم على الطريق : 📖 {فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَ سارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} (القصص: ٢٩).
فلما وصل موسى هناك تملّكه شعور جميل عجيب لم يكن قد شعر به من قبل إذ أن هذه النار كانت تتقد من شجرة عظيمة ولها ضوء مبهر والأعجب هو عدم وجود شخص قربها ولم يكن المطر الغزير يؤثر فيها ثم هي لا تخلف رماداً او ما يتطاير منها من دخان او رائحة حرق او ما شابه.
🤔 ترى ما هذه النار؟ وما هو سرها؟
🔺️هذا ما سوف يكون تفصيله في الحلقة القادمة إن شاء الله.