سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة العاشرة

معجزة خالدة

تسعّرت نار كبرى أججها حقد أهل الإلحاد على بطل التّوحيد إبراهيم وصدر الأمر الملكي من نمرود وألقي إبراهيم في النار وتحولت بردا وسلاما عليه دون أن يشعر بذلك البرد والسلام أحد، فكلّ من يقف أمام تلك النار ولو من بعيد يشعر بحرّها يحرق بشرته.
طار عصفور صغير حاملا في منقاره الصغير قطرات ماء قليلة محاولا الوصول إلى النار وهنا كلّمه جبريل:
➖ إلى أين؟ ➖ إلى النار. ➖ ماذا تحاول أن تفعل؟ ➖ إنقاذ نبيّ الله إبراهيم. ➖ ولكن بأيّ طريقة؟ ➖ بما أحمله من ماء في منقاري. ➖ ولكنّه ماء قليل، قليل جداً جداً لا يطفئ هكذا نار. ➖ يا جبريل يا سيّد الملائكة، تكليفي هو أن لا أكتفي بالتفرج على الظلم، بل لا بد أن يكون لي موقف، سواء أطفأت النار أم لا فأنا أسقط تكليفي والسلام.
مرت الدقائق الأولى وسط فرح ورقص من قبل جلاوزة بابل وأنصار الظالمين وهم يمنّون أنفسهم بهلاك إبراهيم وانتهاء الصراع معه إلى غير رجعة من جانب وجعله عبرة لمن يقف بوجه الإلحاد من جانب آخر، ثمّ بعد عدة ساعات شعر الجميع بالتعب وعادوا إلى دورهم وسط لهيب لم يعرف العالم كله له مثيل آنذاك.
عاد القوم في اليوم الثاني وما زالت النار متقدة وإن خفّ أوارها وهنا كانت صدمة ظنّ أحدهم أنّه بدا له عدّة أشباح لشخوص وسط النار وهم يتحدثون بأريحية، ركّز مجددا وأنعم النظر ليصرخ بصوت عال كأنّه قد لدغته أفعى: (هنالك رجال أحياء في النار)، مكررا ما يقول بوضع هستيريّ، ضحك من سمعه بكلّ استخفاف به وصاح به أحدهم: (يبدو أن كثرة شرب الخمر ليلة أمس أطارت عقلك) وتبعها بعدّة ضحكات متتالية، ليكون القائل ساحة للضحك عليه.
لم يتوقف عن صرخاته بل وزادها مشيراً بكلتا يديه إلى وسط النار ما جعل القوم ينظرون معه فإذا المفاجأة الكبرى ظلال أشباح لعدّة رجال وسط النار يتحدثون دون أيّ حروق تؤذيهم، وصار الجميع يسأل عن هؤلاء الأشباح قال بعضهم: جنّ، وقال غيرهم: شياطين، وقال آخرون: لا بد أن نطفئ النار كي نفهم ما يحصل.
وصلت الأخبار إلى نمرود فحضر ليرى بأمّ عينيه ما يجري، سأل سحرته عمّا يرى، لم يجدوا جواباً له فزجرهم وصاح بهم، والفضول يقتله من جهة والخوف من القادم من جهة أخرى، ولكنه لم يقبل أن يقوم أحد بأيّ محاولة لإخماد النار، بل تركها كي تخمد لوحدها.
لم يكن في كلّ أرض بابل حديث غير أشباح النار وباتت التكهنات بالجملة، إلى أن انطفات النار بعد عدّة ليال وأيام وإذا بالاشباح تختفي ويبقى منها شبح واحد، تجمهر القوم كي يفهموا ما يحصل، وإذا بالمفاجأة الكبرى التي لم يحسب لها أحد حساباً، فهذا إبراهيم سالماً بعد عدّة أيام من إلقاءه في النار يمشي بدون أن تمسه النار بضرر، انصدم القوم وتحيروا وأسقط في أيديهم.
كيف لم تلتهمه النار؟ وكيف عاش دون طعام وشراب؟ ومن هم الأشباح الذين كانوا معه؟ وأين ذهبوا؟ وما هي العبرة من عدم موت إبراهيم؟ وعشرات الأسئلة التي طرحها عليه القوم، وهو يجيب بكلّ اطمئنان.
سنعرف هذا وأكثر في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الأولى
العالَم قبل الخليل
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّانية
أسماء لامعة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّالثة
ولادة اليتيم
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الرابعة
حُججٌ دامغة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة
هزيمة لمحور الجهلاء
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السادسة
هزيمة الصّابئة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السّابعة
فأس الخليل
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّامنة
محاكمة إبراهيم
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة التّاسعة
برداً وسلاماً
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الحادية عشرة
حنيفاً مسلما
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّانية عشرة
بهت الذي كفر
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثالثة عشر
في الشام
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الرابعة عشر
عدة أحداث
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة عشر
عند مكّة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السادسة عشر
زمَّ الماءُ زمّاً
Scroll to Top