سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّانية عشرة

بهت الذي كفر

ألقي القبض على إبراهيم متلبساً بجرم التوحيد الخالص وجيء به إلى قصر نمرود الذي فكر طويلاً بطريقة يتخلص بها من إبراهيم لكنه لم ينجح، فقرر المناقشة معه ولكن على طريقة تجهيل الجمهور.
جمع نمرود حشوداً من أتباعه حد العبودية وجلاوزته حد الإجرام وخطب فيهم وأرعد وأزبد وهدد كل من يختلف معه كان ذلك بحضور إبراهيم وهنا دار هذا الحوار:
➖ ما هي دعوتك يا إِبراهيمُ؟ ➖ عبادة المولى عز وجل الله لا إله إلا هو. ➖ اعطني دليلاً واحداً على قوة ربك. ➖📖 (ربّي الّذي يحيي ويميت).
نظر نمرود في عيني إبراهيم مليّاً ثم قلب عينيه إلى جمهوره وقال اسمعوا حجّتي: 📖 (أنا أحيي وأميت) وهنا أثبت نمرود غباء قومه وشدة دهاءه فمراد إبراهيم هو أن الله تعالى (خلق الموت والحياة) يخلق من العدم ويقبض الأرواح، ولكن نمرود جاء باثنين من السجناء القدامى فأمر الأول بأن يذهب إلى داره مفرجا عنه فيما قتل الثاني وقال: ألم أقل لك يا إِبراهيمُ (أنا أحيي وأميت) فقد أحييت الاول وأمتّ الثاني.
وهنا نتجت نقطة خطرة بعد أن صفق الحاضرون بقوة وصفروا ورقصوا حين فهموا من هذا الجواب انتصار نمرود، رغم غباء الجواب، ولكنّ إبراهيم الذي أدرك أنّ هكذا حوار علمي رصين مع داهية أتباعه جهلاء لا يجدي نفعاً فعمد إلى حجته وعدل عنها فقال: 📖 (فإنّ اللّه يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب).
لم يجد نمرود في رأسه الأشيب جواباً عن هذا الأمر، وأتباعه الذين حضروا أنفسهم للتصفيق مرة أخرى حاروا مثل حيرته ولم يجد جواباً 📖 (فبهت الذي كفر) وتصبب رأسه عرقاً، فها هو الملك الذي ادعى الربوبية وعبده أكثر أهل بابل يقف عاجزاً أمام حجة إبراهيم ورجاحة عقلة، فلذا عمد إلى الخطة الثانية وهي التهديد:
➖ أمامك يا إِبراهيمُ يوم واحد فقط لتخرج من أرض بابل كلها أنت ومن آمن بك. ➖ لقد جربتَ قتلي من قبل وأججت ناراً كبرى ولم تفلح بقتلي، فما أنت فاعل هذه المرة؟ ➖ إن تكفل ربك بدفع الموت عنك في المرة الماضية فهل سيكفل لك حياة من آمن بك هم وجميع عيالهم وحتى دوابهم؟
وهنا استشعر إبراهيم الخوف على الموحدين الذين آمنوا به نبياً مبلغاً عن الله تعالى فوافق على الخروج من أرض العراق التي ما قبلته وخرج من قصر نمرود وهو يسابق الزمن، تكفل بجمع المؤمنين به شاب غيور هو لوط أخو زوجة إبراهيم ساره فقام بتبليغ المؤمنين بالاستعداد لمغادرة بابل والسير إلى الشام حيث سيعبد المؤمنون ربهم الله تعالى بأمان وهو سفر إلى الله 📖 (إني ذاهب إلى ربي سيهدين).
أعلن المؤمنون بدعوة إبراهيم براءة علنية من قومهم 📖 (قَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبراهيمَ وَالَّذينَ مَعَهُ إِذ قالوا لِقَومِهِم إِنّا بُرَآءُ مِنكُم وَمِمّا تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ كَفَرنا بِكُم وَبَدا بَينَنا وَبَينَكُمُ العَداوَةُ وَالبَغضاءُ أَبَدًا حَتّى تُؤمِنوا بِاللَّهِ وَحدَهُ).
ترك بطل التّوحيد ومن آمن معه أرض بابل إلى غير رجعة فولاء إبراهيم لله وحده لا لوطنه، فحين اصطدم الوطن بالدين اختار إبراهيم دينه وترك وطنه كما فعل من بعده رسول الله محمد حين ترك مكة وهي وطنه حين اصطدمت بدينه (فالولاء للأديان لا للأوطان).ثم ماذا حصل؟ سنعرف هذا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الأولى
العالَم قبل الخليل
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّانية
أسماء لامعة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّالثة
ولادة اليتيم
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الرابعة
حُججٌ دامغة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة
هزيمة لمحور الجهلاء
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السادسة
هزيمة الصّابئة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السّابعة
فأس الخليل
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّامنة
محاكمة إبراهيم
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة التّاسعة
برداً وسلاماً
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة العاشرة
معجزة خالدة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الحادية عشرة
حنيفاً مسلما
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثالثة عشر
في الشام
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الرابعة عشر
عدة أحداث
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة عشر
عند مكّة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السادسة عشر
زمَّ الماءُ زمّاً
Scroll to Top