سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة عشر
عند مكّة
طارت البراق تلك الدابة السماوية المباركة وهي تحمل على متنها خليل الرحمن وزوجته هاجر ووليدهما إسماعيل فيما قائد تلك الدابة هو جبرائيل.
وتمرّ بطيرانها على مختلف الأماكن وإبراهيم ينظر إلى الأرض ويرى بديع صنع الخالق المبدع وكلّما مرّوا على أرض فيها مروج خضراء وقربها نهر جار سأل الخليلُ جبرائيلَ : هل سنسكن في هذه الأرض الجميلة؟ فيجيبه جبرائيل : لا.
وبعد عدّة محطّات من الأراضي الجميلة التي مرّوا بها وصلوا إلى وادٍ بين عدّة جبال لا ماء فيه ولا كلأ ولا بشر فنزلت بهم البراق وقال جبريل:
➖ هنا سيكون محلّ هاجر ووليدها.
➖ هنا؟ الا ترى يا جبرائيل! لا ماء ولا عشب ولا بشر!
➖ هكذا أمرني ربّي.
➖ عليك الآن أن تودّع هاجر وإسماعيل وترجع إلى حيث سارة تلك المرأة المؤمنة التي أعانتك بمالها وشبابها وأهدتك خادمتها وهي الآن تنتظر عودتك.
➖ ولكن كيف أترك هاجر وهي قد ولدت لتوها مع رضيع بدون أيّ مقومات عيش؟
➖ يا خليل الرحمن أنا مجرّد عبيد صغير أطيع ما يأمرني به الله تعالى.
وهنا توجّه إبراهيم بكلّه إلى ربه :
📖 (رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ).
كان إبراهيم يخجل أن يوصي ربه العليم بأهل بيته فاكتفى بالقول تلميحاً: 📖 (رَبَّنا إِنَّكَ تَعلَمُ ما نُخفي وَما نُعلِنُ) فجاء الردّ من العليّ الأعلى (وَما يَخفى عَلَى اللَّهِ مِن شَيءٍ فِي الأَرضِ وَلا فِي السَّماءِ).
ودع إبراهيم زوجته ووليده وركب البراق وطار وقلبه معلق عندهما وهنا سأله الله تعالى :
➖ يا خليلي إبراهيم.
➖ لبيك ربي.
➖ أتحبّ وليدك إسماعيل؟
➖ نعم يا ربي، فهو – كما تعلم – جاء بعد أن بلغت ٨٦ سنة من العمر وفيه تتمة مشروع نشر التوحيد بعد رحيلي.
➖ يا خليلي، فليكن قلبك معلقاً بحبّي فقط ودع جميع ملذات الدنيا بعيدة عنك.
➖ الآن فقط علمت يا ربّ لماذا أبعدت عني ولدي وزوجتي، ها أنا يا رب أخرج هذا الحبّ وأملأ قلبي بحبك وحدك وسيبقى الود والعطف على عيالي فقط.
عاد الخليل الى سارة التي تعجبت من رجوعه لوحده وهي تسأل عن مصير ضرتها ووليدها ليكون جواب الخليل : هما في عين الرحمن.
عاد إبراهيم إلى تبليغه، ولكنّ هاجر ووليدها حدث معهما حدث كبير جداً سيكون سبباً في حياة جديدة في ذلك الواد المبارك.
ماذا حصل بعدها ؟سنعرف هذا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.