سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الرابعة والعشرون
قوم لوط
لم يكن نبي الله الكريم لوط صاحب المائة عام تقريباً يملك من مقومات صدّ فساد قومه أيّ مقوم رادع، فمن الناحية الجسدية هو شيخ كبير جداً، ومن ناحية العائلة ليس لديه أولاد ذكور ولا أحفاد بل كل عائلته من جنس الإناث فهو عنده ثلاث بنات، فضلاً عن كون امرأته متواطئة مع حثالات قومه فهي تتجسس على لوط وتخبر قومها عن أي شخص يزور لوط طلباً للإيمان فيقوم قومه بردعه بعنف، وفوق هذا كله ليس للوط عشيرة فهو عراقي سكن الأردن.
كل ما كان لوط يستطيع فعله جراء فساد قومه هو الجلوس على قارعة الطريق لمنع أي شخص زائر من دخول قرى قومه خشية أن يعتدوا عليه، فقوم لوط كانوا عبارة عن جماعة أطبقت على الفسوق والفجور بأعلى المستويات ومن أهمّ ما كانوا يقومون به:
١. اللواط. والذي صار اليوم يسمى المثلية.
٢. تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال.
٣. يعاركون الديكة.
٤. يهارشون الكلاب.
٥. يتضارطون في المجالس.
٦. يطففون في الميزان.
٧. لا قيمة ولا احترام للكبير.
٨. فتح أزرار القميص.
٩. المجاهرة بالفسوق أمام بعضهم بعضاً في النوادي دون رادع وناه.
١٠. عبادة الأصنام.
١١. شرب الخمر.
١٢. الصفير.
وغيرها من الموبقات الكثير.
بينما كان الشيخ الطيب لوط جالساً ظهراً على قارعة الطريق وإذا به يُصعق لما يرى، فهؤلاء أربعة شباب غاية في الروعة والجمال، تفوح منهم روائح العطور الزكية ويكاد نور وجوههم أن يضيء.
➖ سلام عليكم يا شيخ.
➖ وعليكم السلام، من أنتم؟ وما هو مقصدكم؟
➖ ضيوف عندك، ألا ترغب بالضيوف؟
📖 (وَلَمّا جاءَت رُسُلُنا لوطًا سيءَ بِهِم وَضاقَ بِهِم ذَرعًا وَقالَ هذا يَومٌ عَصيبٌ).
➖ أحبّ مقدم الضيوف ولكن قومي لا يمكن أن يرونكم دون أن يمسوكم بسوء.
➖ وما هو الحل؟
➖ ننتطر المساء ريثما يحلّ وبعدها ندخل القرية متسللين.
حلّ المساء وليته لم يحلّ، فقلب الشيخ لوط يقرع بعنف خوفاً على ضيوفه من قومه.
سار الشيخ وسار خلفه الضيوف بعد أن اتفق معهم على عدم الكلام أثناء السير كي لا يشعر بهم أحد من قومه فيخبر الآخرين وحينها لا يمكن له أن يحمي ضيوفه.
لوط نبي وكل نبي كريم وكل كريم يحب الضيوف، ولكن لوطاً في هذا المورد قال (هذا يوم عصيب)، بل و(ضاق بهم ذرعاً) أي تقاربت خطواته كأنه يحمل ثقلاً على كاهله.
كل هذا والضيوف يتظاهرون بعدم المبالاة لما يمر به لوط من حسرة وخوف عليهم، وفي نفس الوقت كان الخليل ينظر إلى جهة الأردن يتابع بصمت ما سينزل فيها من حسبان من السماء، فيما تترقب سارة أخبار أخيها لوط والفرح يغمر قلبها بانتظار طفلها إسحاق.
ثمّ ماذا حصل سنعرف هذا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.