سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة والعشرون
نجّيناهم بسَحَر
زاد خوف لوط وظهرت عليه ملامح الخوف على ضيوفه رغم ظلام الليل الحالك، وأدخل ضيوفه الأربعة بيته وهو يحاول ان يخفيهم عن قومه من جهة وعن امرأته من جهة أخرى كونها مخالفة لما يقوم به لوط ويعتقده.
صعدت العجوز الخاسرة إلى أعلى الدار وأشعلت ناراً هي علامة كان القوم يفعلونها إذا حصلوا على مكان حفل ماجن، وعلى نحو مخيف مريع (جاءَهُ قَومُهُ يُهرَعونَ إِلَيهِ وَمِن قَبلُ كانوا يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ):
– (يا قَومِ هؤُلاءِ بَناتي هُنَّ أَطهَرُ لَكُم) فعندي ثلاث بنات هلموا وتقدموا واخطبوا اي واحدة شئتم وانا أزوجها لمن شئتم ولا معنى لما تفعلونه (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخزونِ في ضَيفي أَلَيسَ مِنكُم رَجُلٌ رَشيدٌ)؟
– (قالوا لَقَد عَلِمتَ ما لَنا في بَناتِكَ مِن حَقٍّ) فرغبتنا ليست بالنساء (وَإِنَّكَ لَتَعلَمُ ما نُريدُ).
– (قالَ لَو أَنَّ لي بِكُم قُوَّةً) ليت لي بدنا قويا لقاتلتكم به (أَو آوي إِلى رُكنٍ شَديدٍ) ولو كانت لي عشيرة قوية لما تطاولتم على ضيفي.
لحظات عجيبة مرعبة عاشها لوط وبناته وسط صياح آلاف الرجال خارج داره بل ومحاولة بعضهم تسلق السياج للدخول إلى البيت، وسط ضحكة صفراء خبيثة من قبل امرأته تشمت بزوجها لصعوبة موقفه.
لحظات عجيبة مرعبة عاشها لوط وبناته وسط صياح آلاف الرجال خارج داره بل ومحاولة بعضهم تسلق السياج للدخول إلى البيت، وسط ضحكة صفراء خبيثة من قبل امرأته تشمت بزوجها لصعوبة موقفه.
وهنا وسط هذا الحال المزري والجلبة العالية قالت الملائكة للوط بكل هدوء:
– (يا لوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلوا إِلَيكَ).
– ماذا؟ رسل ربي!
– نعم، كن واثقا.
– وما هو تكليفي الآن؟
وقبل أن يبلغوه تكليفه صعد أحد الفسقة دار لوط ونزل من السلّم كي يفتح الباب للآخرين ولكنّ جبريل أمسكه ومسح على عينيه فصاح من شدة الألم : (عيني، لم أعد أرى).
العجيب في الأمر هو أنّ جميع قوم لوط أصيبوا ساعتها بالعمى وصار صياحهم عالياً وكلهم يبحث عن طريقة للخلاص.
– (فَأَسرِ بِأَهلِكَ بِقِطعٍ مِنَ اللَّيلِ).
– إلى أين؟
– (اتَّبِع أَدبارَهُم) فمشيك سيكون خلف الملائكة هم يعرفون الطريق (وَامضوا حَيثُ تُؤمَرونَ).
– بقي أمر آخر.
– وما هو؟
– (ولا يَلتَفِت مِنكُم أَحَدٌ).
– ولمَ ذاك؟
– لهول ما سيجري من عذاب قد يشكل حربا نفسية مزمنة لمن يشاهد ما سيحصل.
– ماذا عن امرأتي؟
– (إِنَّهُ مُصيبُها ما أَصابَهُم) فلها أن تلتفت إن شاءت وهي هالكة لا محالة.
– هلا عجلتم العذاب عليهم الآن.
– يا نبي الله (إِنَّ مَوعِدَهُمُ الصُّبحُ أَلَيسَ الصُّبحُ بِقَريبٍ)؟
(فَلَمّا جاءَ أَمرُنا) وحلّ الصبح
١. (فَأَخَذَتهُمُ الصَّيحَةُ مُشرِقينَ).
٢. و(جَعَلنا عالِيَها سافِلَها) فهي القرى المؤتفكة أي المنقلبة، لأنهم قلبوا فطرة الناس.
٣. (وَأَمطَرنا عَلَيها حِجارَةً مِن سِجّيلٍ مَنضودٍ).
كانت لحظات مرعبة مهولة لم يسبق أن أنزل الله تعالى عذابا مثل هذا من قبل.
وأما آل لوط فكانوا قد خرج بهم لوط سحر ذلك اليوم و(نَجَّيناهُم بِسَحَرٍ) وعاد لوط إلى إبراهيم الخليل بمعية بناته وأما امرأته فهلكت كما هلك الاخرون ولا قوة الا بالله.
ثمّ ماذا حصل سنعرف هذا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.