سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السّادسة والعشرون
الإمامة
انتهت مأساة النبيّ الشيخ لوط مع بناته إلى سلام وخلاص من شر خلق الله في الأرض وهم يحملون في ذاكرتهم تلك العجوز الخرفة التي وقفت مع الباطل ولم تنتفع بوجود نبي في بيتها كما هو حال ابن نوح ومن قبله ابن آدم.
وحانت ساعة رحمة أخرى وولدت العجوز المؤمنة سارة وليدها المبارك إسحاق وتغيرت حالها وهي على مشارف المائة عام من عمرها.
وهنا يكون إبراهيم قد تجاوز الاختبارات المكلف بها من قبل المولى عز وجل ونجح نجاحاً كبيراً فيها:
١. وهب نفسه للنيران (لما أحرقه نمرود).
٢. وهب ماله للضِّيفان (لما ذبح العِجل).
٣. أسكن أهله في الوديان (لما أخذ هاجر لمكة).
٤. وهب ولده للقربان (لما شرع بذبح ولده).
وفي هذه الفترات المنيرة من حياته الشريفة مرّ إبراهيم بعدة مراحل من القرب من الله تعالى وقد تمثلت بما يلي:
👈 ١. العبد إبراهيم. ثمّ ترقّى في القرب فصار:
👈 ٢. النبيّ إبراهيم. ثمّ ترقّى في القرب فصار:
👈 ٣. الرسول إبراهيم. ثمّ ترقّى في القرب فصار:
👈 ٤. الخليل إبراهيم. ثمّ ترقّى في القرب فصار:
👈 ٥. الإمام إبراهيم.
وهذا المقام الأخير أشار إليه قوله تعالى: 📖 (وَإِذِ ابتَلى إِبراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمامًا) ومن شدّة فرحه بهذا المقام وهو في نهاية عمره الشريف طلب هذا المقام لذرّيته:
➖ 📖 (قالَ وَمِن ذُرِّيَّتي).
➖ 📖 (قالَ لا يَنالُ عَهدِي الظّالِمينَ).
لقد استفاد إبراهيم الخليل مما علمه عن ابن نوح الذي غرق نتيجة كفره بالله تعالى فطلب البركة لذريته قبل أن يغرقوا في كفرهم لذا طلب مقام الإمامة لجميع ولده ولكن الحق تعالى بين له أن هذا المقام فيه خصلتان:
1️⃣ هو مقام خاص بمن بلغ مرتبة العصمة فقط وصاحبه لا يحق له أن يكون ظالماً، واليك بيانه:
قال تعالى: 📖 (إنّ الشرك لظلم) وكل ظالم لا يكون إماماً لقوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين) وعليه:
🔹️ من كان مشركاً أول حياته وآخر حياته لا يكون إماماً لأنه ظالم.
🔹️ من كان مؤمناً أول حياته ومشركاً آخر حياته لا يكون إماماً لأنه ظالم.
🔹️ من كان مشركاً أول حياته مؤمناً آخر حياته لا يكون إماماً لأنه مرّ بمرحلة الظلم.
🔹️ من كان مؤمناً أول حياته وآخر حياته يحقّ له أن يكون إماماً.
وهذا الرابع هو المعصوم فقط الذي لم يشرك بالله طرفة عين وكل ذنب وإن دقّ هو شرك.
2️⃣ مقام الإمامة هو من يختار أهله لا هم يختارونه، بمعنى أن الإمامة عهد الله وهذا العهد هو الفاعل الذي يختار من يليق به 📖 (لا ينال عهدي الظالمين) وليس (لا ينال عهدي الظالمون) فالإمام يتم تنصيبه من المولى تعالى فقط وليس للناس دخل فيه :
📖 (إني جاعلك للناس إماماً) وليس الناس جاعلوك لهم إماماً، فلو أنّ جميع البشرية اتفقوا على شخصٍ إماماً لهم ولم يكن له أذن من الله تعالى فلا قيمة لما اتفقوا عليه فالإمامة من مختصات الله تعالى فقط 📖 (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).
ثمّ ماذا حصل سنعرف هذا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.