سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الرابعة
حُججٌ دامغة
بعد أن صار إبراهيم ذلك الفتى الفطن حديث النّاس وباتت حججه دامغة كان اللّه تعالى قبلها قد آتاه الحجّة 📖 (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) وأفاض عليه من شآبيب رحمته واختصّه بما لم يهب غيره من العلم كيف لا وهو القائل لآزر: 📖 (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ) ومن هنا أعلن إبراهيم عن خطّ سويّ جديد وصراط مستقيم وسط أزمة الخطوط المنحرفة في عاصمة الأكديين بابل، تمثّل هذا الخطّ بنبذ فكرة الأصنام البشرية كالنّمرود، وغير البشرية كالّتي يصنعونها من الخشب أو الطّين وغيرها.
وأعلن إبراهيم – رغم صغر سنّه وقلّة الأنصار – أولى خطواته تجاه هداية الخلق فخاض في أرض بابل عدّة نقاشات عقائديّة على مستويات مختلفة هي:
1️⃣ النقاش الأول: مع آزر :
وأعلن إبراهيم – رغم صغر سنّه وقلّة الأنصار – أولى خطواته تجاه هداية الخلق فخاض في أرض بابل عدّة نقاشات عقائديّة على مستويات مختلفة هي:
1️⃣ النقاش الأول: مع آزر :
وقبل أن نذكر النّقاش الرائع لا بدّ أن نبيّن أنّنا نحن الشيعة نرى أنّ (آزر) هذا طبقاً لصريح القرآن الكريم والروايات الشريفة ليس (والداً) لإبراهيم وإنّما هو كان إبراهيم يسمّيه (ابتي) شكراً منه لما كان له من دور بسيط في حفظ حياة إبراهيم في طفولته، وفرق كبير بين الوالد والأب.
عموماً كان النقاش الأول مع آزر بهذا الشكل:
📖 (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً)؟
📖 (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا).
📖 (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا).
📖 (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا).
تعجب آزر من بلاغة إبراهيم وقوّة استدلالاته، ولمّا وجد نفسه لا يمتلك أيّ ردّ عليه وأنّ خطّة ردّ الحجّة بالحجّة فشلت، شرع في الخطّة الثانية وهي التهديد والوعيد مع رفع الصوت والتلويح باليد:
📖 (قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ)؟
➖ نعم يا أبت فهي بلا قيمة.
📖 (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ)؟ نعم سيكون قتلك على يديّ.
– وأمّا الآن 📖 (اهْجُرْنِي مَلِيًّا) فأنت مطرود من بيتي ولا مكان لك عندي سيّما بعد وفاة أمّك.
بكلّ رزانة ووقار وحنوّ قال إبراهيم: 📖 (سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) وتركه وذهب.
وهنا نزل جبريل على إبراهيم قائلاً له:
➖ السلام على نبيّ اللّه، ما دفعك للاستغفار لكافر؟
➖ هو صاحب فضل قديم عليّ.
➖ لا ينبغي لنبيّ بل ولا لأيّ مؤمن أن يستغفر لأيّ كافر ولو كان ذا رحم 📖 (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ).
➖ ماذا عليّ أن أفعل الآن يا جبرائيل؟
➖ تستغفر لآزر.
➖ ماذا؟!، ولكنّك الآن نهيتني!
➖ يا إبراهيم، إنّ المولى عز وجل يحبّ أن يوفي المؤمن بما يعد، وأنت وعدته بأن تستغفر الله تعالى له، نعم لن يستجاب دعاؤك فيه ولن يُسمح بعد الآن لايّ مؤمن أن يستغفر لايّ كافر 📖 (وَما كانَ اسْتِغْفار إِبْراهِيم لِأَبِيه إِلا عَن مَوْعِدَة وَعَدَها إِيَّاه فَلَمَّا تَبَيَّن لَه أَنَّه عَدُو لِلَّـهِ تَبَرَّأ مِنْه).
وهنا انتصر إبراهيم في أولى نقاشاته وإن كلّفه ذلك الخروج من بيت آزر.
ليبدأ بالتبليغ العلنيّ للتوحيد مهما كان الثمن غالياً.
ماذا عن النقاش الثاني 2️⃣؟ مع من كان؟ وما هي نتائجه؟ سنعرف هذا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى