سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة
هزيمة لمحور الجهلاء
خاض إبراهيم عدّة نقاشات عقائديّة كان الأول منها مع (آزر) ترتّب عليها هزيمة الفكر الوثنيّ الهزيل أمام ضربات الفكر التّوحيديّ المركّزة، ليكشّر(آزر) عن أنيابه ويهدد إبراهيم – بعد أن هُزم أمامه فكراً – بالقتل والتّصفية الجسدية عن طريق رجمه بالحجارة (لأرجمنّك) مستغلّاً نفوذه في حكومة نمرود، فضلاً عن هذا التهديد فقد طُرد إبراهيم من البيت وأعلن ضدّه حرباً مفتوحة.
2️⃣ النّقاش الثّاني: مع قومه:
فبعد أن أذن الله تعالى لإبراهيم بإعلان دعوته مبكراً وقف وسط قومه وخاض معهم هذا النّقاش :
📖 (ما هذِهِ التَّماثيلُ الَّتي أَنتُم لَها عاكِفونَ)؟
📖 (قالوا وَجَدنا آباءَنا لَها عابِدينَ).
📖 (قالَ لَقَد كُنتُم أَنتُم وَآباؤُكُم في ضَلالٍ مُبينٍ).
📖 (قالوا أَجِئتَنا بِالحَقِّ أَم أَنتَ مِنَ اللّاعِبينَ)؟
وهنا حانت الفرصة أمام بطل التّوحيد إبراهيم فسألهم مباغتاً:
📖 (قالَ هَل يَسمَعونَكُم إِذ تَدعونَ)؟
لم يحر القوم جواباً، فزادهم حيرة قائلاً:
📖 (أَو يَنفَعونَكُم أَو يَضُرّونَ)؟
زادت حيرة القوم أكثر ودخلوا في حيص بيص؛ فهم إن قالوا: (نعم)، كذبوا على أنفسهم، وإن قالوا: (لا)، أعلنوا سقوط قيمتها، فما هي فائدة عبادتها وهي لا تسمع ولا تضرّ ولا تنفع؟
وهنا ولكي يتخلّصوا من هذه الورطة التي أوقعهم بها جهلهم:
📖 (قالوا بَل وَجَدنا آباءَنا كَذلِكَ يَفعَلونَ).
وهل نحن أعلم من آبائنا الذين عبدوها؟
وهنا أعلن إبراهيم حربه ضدّ الأصنام علناً متحمّلاً تبعات عداوة الوثنيّين له.
📖 (قالَ أَفَرَأَيتُم ما كُنتُم تَعبُدونَ أَنتُم وَآباؤُكُمُ الأَقدَمونَ فَإِنَّهُم عَدُوٌّ لي).
وبعد أن أُسقط في يدي قومه وبان لهم جهلهم وجهل آباءهم ووهن حججهم أمام حجج إبراهيم القاطعة سألوه عن ربّه الذي يدعو له فقال:
📖 (رَبَّ العالَمينَ) :
📖 (الَّذي خَلَقَني فَهُوَ يَهدينِ).
📖 (وَالَّذي هُوَ يُطعِمُني وَيَسقينِ).
📖 (وَإِذا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفينِ).
📖 (وَالَّذي يُميتُني ثُمَّ يُحيينِ).
📖 (وَالَّذي أَطمَعُ أَن يَغفِرَ لي خَطيئَتي يَومَ الدّينِ).
وبدأ بعض الباحثين عن الحقيقة – رغم قلّتهم – يؤمن بدعوة إبراهيم ويدعم دعوته وهنا انتقل إبراهيم إلى مرحلة أخرى من الدعوة.
يوماً بعد آخر بدأ اسم إبراهيم يدخل كلّ بيوت بابل حتى صار أهمّ حدث يتداوله القوم، وفتح هذا الأمر شهية إبراهيم لكي يخوض نقاشه لا مع آزر أو بسطاء الناس ولكن مع علماء الصابئة، ذلك النقاش البديع الذي خطّه القرآن الكريم بأحرف من نور على وجنات الحور.
ما هو حواره ونقاشه مع الصابئة؟ وما هي نتائجه؟ سنعرف هذا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.