سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة التّاسعة

برداً وسلاماً

حين يحكم أهل الإلحاد وعشّاق الدنيا فلا يؤمل منهم أيّ خير وشواهد التّأريخ كثيرة، وواحد منها ما حصل مع إبراهيم مبعوث السّماء الذي حاكمه أهل الأرض بقسوة مفرطة لأنّه أراد أن يوقد جذوة العقائد السّليمة في صدورهم الخربة، وحكموا عليه بالموت حرقاً في نار 🔥 بات ذكرها خالداً لعظيم شأنها وخطورة المحترق بها ولتبقى شاهدة على جور الملحدين وعداوتهم لأهل الإيمان إلى اليوم.
صدر أمر ملكيّ من قصر نمرود بإحراق إبراهيم علناً بنار يُجمع لها الحطب أربعين يوماً وعلى جميع الناس المشاركة في جمع الحطب وكلما زاد حطب الشخص دلّ على كرهه لإبراهيم من جهة وتملّقه للسلطة من جهة أخرى، وتفرغ أهل الجور وعطّلوا أعمالهم وشلّوا الدولة كلها من أجل صناعة جبل عملاق من الحطب ظلّ أهل بابل يجمعون به من داخل بابل بل ومن المناطق المجاورة لها.
انتهت مدّة جمع الحطب وتجمهر الناس في الموعد المرسوم كي يشاهدوا بشغف وفرح كيف ستبتلع النار ذلك الفتى الذي صار مصدر قلق لكثير منهم، ولكنّ المفاجأة كانت أنّ القوم لم يحسبوا حساباً لكيفية إلقاء إبراهيم في النار لأنّ المطلوب هو أن يكون وسطها وأن يراه الجميع وهو يُلقى في النار وإلا ما هي فائدة النار الكبيرة هذه إذا كان سيُحرق في جهة ما منها ولن يراه أكثر المتجمهرين؟!
انزعج نمرود كثيراً لغباء القائمين على هذا العرس الجماهيري وبدأ يستمع للآراء كي يجدوا حلّاً، ولمّا كانت جميع الآراء فاشلة تدخّل الشيطان الرجيم شخصياً بعد أن تمثّل على شكل رجل قائلاً: اصنعوا منجنيقاً وضعوه فيها ثم القوه، تصايح القوم: (نِعمَ الرأي) ووافق نمرود وكلّف فريقاً لصناعته وسرعان ما تمّ ودُعي الناس مرة أخرى للتجمع ورؤية النار تهرس جسد الفتى.
ُجّجت النار وعلا أوارها وصار صوت تكسر الحطب داخلها يعلو ويعلو ولهيبها يصعد ويصعد حتى أنّه ليخطف الطير من أعالي السماء ويحرقه، والقوم بين راقص ومطبل ومتشوق بانتظار إشارة نمرود الذي قعد على دكّة بعيدة يشاهد ما يجري وهو محاط بجلاوزة لا يجيدون إلا لغة الدم والرعب.
رفع نمرود يده وأذن لهم بوضع إبراهيم داخل مقلاع المنجنيق فقام أربعة منهم بحمل إبراهيم ووضعه في المقلاع وهم يستخفون به، ولكنّ الملفت هنا هو حجم الهدوء والسكينة الذي كان يغمر قلب إبراهيم فهو لا يفتأ يذكر ربّه الله دون وجل، وصدر الأمر بإطلاق إبراهيم إلى النار، ضجّت ملائكة السماء والأرض ينتظرون إذناً من المولى تعالى لإنقاذ بطل التّوحيد وإحراق بابل بمن فيها ولكنّ الله تعالى حليم لا يعجل ولا يفوته أحد ويدبّر الأمور على أحسن وجه.
طار إبراهيم في الهواء كي يصل إلى وسط النار وصدر الأمر من الله تعالى لجبريل بالنزول لإبراهيم وهو بعد لمّا يصل إلى النار.
➖ سلام عليكم يا أخي إبراهيم. ➖ وعليكم السلام يا أخي جبريل. ➖ ألك حاجة؟ ➖ منك، لا. من الله، نعم. ➖ إذن ادعوه. ➖ علمه بحالي يغني عن سؤالي.
تعجب جبريل جراء ما يرى ويسمع، وإذا الأمر من العليّ الأعلى للنار (يا نارُ كوني بَردًا) فكاد إبراهيم أن يتجمد من بردها، فعقّب تعالى 📖 (وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ) فصارت محلاً للأمن والسلام له.
ثم ماذا حصل بعدها؟ وما هي قصة العصفور الذي حمل الماء؟ وما هي الصدمة لأهل بابل؟ سنعرف هذا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الأولى
العالَم قبل الخليل
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّانية
أسماء لامعة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّالثة
ولادة اليتيم
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الرابعة
حُججٌ دامغة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة
هزيمة لمحور الجهلاء
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السادسة
هزيمة الصّابئة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السّابعة
فأس الخليل
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّامنة
محاكمة إبراهيم
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة العاشرة
معجزة خالدة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الحادية عشرة
حنيفاً مسلما
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثّانية عشرة
بهت الذي كفر
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الثالثة عشر
في الشام
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الرابعة عشر
عدة أحداث
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة الخامسة عشر
عند مكّة
سيرة بطل التّوحيد إبراهيم الخليل - الحلقة السادسة عشر
زمَّ الماءُ زمّاً
Scroll to Top